هل تحاسب أبنائك ؟

هل تحاسب أبنائك ؟

الأبناء تلك الثمرة التي يفوز بها الوالدان ! وهي ثمرة ينتظرها كل أبوين بشوق شديد .. وهي ثمرة يتأسف لفقدها أولئك الذين حرموا منها ..
يقول الأحنف بن القيس في ثمرة الأبناء : (( هم ثمار قلوبنا , وعماد ظهورنا , ونحن لهم أرض ذليلة , وسماء ظليلة , فان طلبوا فأعطهم , وان غضبوا فأرضهم , فانهم يمنحونك ودهم , ويحبونك جهدهم , ولاتكن عليهم ثقيلا , فيملوا حياتك , ويتمنوا وفاتك )).

أخي المسلم . أختي المسلمة : كما أن الأبناء سرور وبهجة , فهم أيضا امتحانا وفتنه ! فهل فهمتم ذلك ؟!
كم يحرص كل أبوين أن يكون لهما أولاد .. ولكن لماذا ؟ وما الغاية ؟ أسئلة غفل عن جوابها الكثيرون !
نعم قد تكون هنالك أجوبة , ولكنها أجوبة كغيرها من تلك الأجوبة التي يعرفها الكثيرون
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( اني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبحه وتذكره ))

* فيا من رزقك الله الذرية فلتعلم أنك في نعمة وفتنة , فان لم تتق الله وتعرف حقيقة رسالتك تجاه هذه الذرية فستكون واحدا من أولئك الذين تخبطوا في التربية والقيام برسالة الأبوة .
* ولتعلم أيها الأب أن أولادك جزء منك يصيبك ماأصابهم من خير أو شر , فاذا رأى الناس منهم خيرا أو شرا قالوا : هذا ابن فلان ! بل ان ذلك يلحقك حتى بعد موتك فلا يزال الناس يقولون : هذا ابن فلان .

* تبدأ رحلة محاسبة الأبناء منذ أن يخرج الولد من بطن أمه على الفطرة السليمة ... انها مرحلة يكون فيها المولود خاما يستطيع أبواه أن يشكلانه كيف شاءا , بل ان تقويم الأبناء في هذه المرحلة متيسر وسهل .. ولكن تجد الكثيرين من الآباء يضيعون هذه المرحلة في أمور ليست بالمهمة .
وينشأ ناشيء الفتيـــــــــان منا
على ماكان عـــــــوده أبــــوه
ومادان الفتى بحجى ولكــــــن
يعـــــــــوده التدين أقــــربـــوه
وفي هذه المرحلة ينبغي للأب أن يحاسب ولده الصغير في مأكله ومشربه وملبسه وآداب التعامل مع من هو أكبر منه , فيحاسبه اذا لم يسم الله في بداية طعامه , ويحاسبه اذا أكل بشماله , فيعلمه اذا أراد أن يأكل أن يبدأ باسم الله وأن يأكل ويشرب بيمينه .. وهذا هو هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم في التربية وعليه سار الصالحون .

* ومن محطات المحاسبة للأبناء أمرهم بالصلاة اذا بلغوا سبع سنين
وأمر الصلاة عظيم ولكن الكثير من الآباء يفرط في محاسبة أبنائه في أداء الصلاة فينشأ الولد وهو متهاون بالصلاة ويتجاوز سن العاشرة وهو لايصلي واذا كبر شق عليه المواظبة على الصلاة وهو واقع الكثيرين ممن لايصلون فانهم لما لم يتعودوا أداء الصلاة في صغرهم شق عليهم أداؤها لما كبروا .
كذلك ينبغي للأب أن يعود أبناءه الصلاة في المسجد , فان نشأة الابن في المسجد لها الأثر الجميل في بناء شخصية الابن , ونشأته على الأخلاق الجميلة ..

* وهنالك أمور قد يراها البعض صغيرة ولكنها ذات أثر عظيم في تربية الأبناء تربية صحيحة
من ذلك :محاسبته اذا عطس أن يقول الحمد لله , ورد السلام .

عند غياب المحاسبة للأبناء انتشرت الفوضى التربوية , والتي كان من نتيجتها الانحلال والميوعة في عدد كبير من الشباب في زماننا وكان ذلك واضحا في عدة صور , ان لم يتداركها المصلحون فستدمر الكثيرين من الجيل الناشيء .
ومن هذه الصور : حياة اللامسئولية التي يعيشها الكثير من الشباب , فترى الكثيرين من هؤلاء يحيون بدون مسئولية يقضون أيامهم في أكل وشرب ونوم , وسعي خلف شهوات النفس , وزاد في خطورة الأمر غياب الرقابة والمحاسبة .
ان مهمة محاسبة الأبناء ليست محدده بفترة معينة , بل هي في جميع مراحل أعمارهم صغارا وكبارا , فينبغي للأب أن يكون حريصا على مايصلح أولاده ويسعى جاهدا في تقويمهم .

ومن تلك الصور : الفساد الأخلاقي , فقد أصبح الانحلال الخلقي طابعا عاما في واقع الكثير من الناشئة ولذلك أسبابه التي لاتخفى على أحد والتي منها :
غياب رقابة الآباء .
انتشار وسائل البث المباشر والتي كان لها دور كبير في افساد الكثيرين .
ضعف الصلة بين البيت والمدرسة .
قلة الأصدقاء الصالحين , فان أثر أصدقاء السوء كأثر النار على الهشيم .
التفكك الأسري وغياب القدوة الصالحة في البيت , حيث أن كل شيء حول الأولاد يشجع على انحلال الخلق .

أيها الأب : اعلم أن الله تعالى سائلك عما استرعاك , فلتتق الله في أبنائك واسع لخلاص نفسك وخلاص أبنائك من النار .

ان البيت السعيد هو البيت الذي تشع من أنحائه أنوار الهداية , ويحيا أهله طمأنينة الايمان وسكينته , وليس من شرط السعادة أن يتقلب أهله في بحبوحة النعيم وصفائها ..

ان خطوات المحاسبة كلما كانت مبكرة كان لها الأثر الأقوى , فحاسب أبنائك صغارهم وكبارهم وكن متيقظا في ذلك .. واحرسهم من رذائل الأخلاق , كحراستك لهم من الآفات ..
والحمد لله تعالى , وصلى الله على النبي محمد وآله وصحبه وسلم